12*5
يوم عشوائي في مذكرة راقصة :
هبط الليل بدأت الريح , الغبار ظل عالقًا في الجو , تركوا الكراسي حملوا ثيابهم و ضحكا على بعضهما حينما ألتقيا في الممر . العاصفة لم تهدأ نزل المطر , نزل سريعًا ثم متمهلًا حتى اسكت ثم عاد من جديد على مهل , وحدها الأسقف الحديدية ظلت تمطر باستمرار.
الغرفة بآخر الشارع عند آخر تقاطع في البلدة , تحاشروا في داخلها كما لو كانت علبة سردين فارين من المطر . من الغبار و من الهواء . كانت نساء أنيقات أغلبهن يرتدن الملابس الطويلة , و الكعب العالي , يضعن أحمر الشفاه بعناية, أعينهن مرسومة و حواجبهن رفيعة و غامقة كما لو كانت شعرات حواجبهن بلا مسامات و فواصل . كنّا جميلات أو على الأقل أنيقات لو أن فرارهن من المطر أفسدهن .
كانت ترقص وحدها بفستان قصير و أكمام طويلة زرقاء من القطن الخفيف المعجون بخيوط السترتش , تلبس جوارب طويلة و تنتعل حذاء أزرق . و حدها التي كانت لا ترى أحدًا , ترقص كما لو كانت هذه الغرفة خالية و كما لو كان المطر يغني و هذه الريح تعزف , كانت شاردة إلى الداخل الكل يضع الطقس على أكتافه ربما ما عداها التي نسيت الطقس و الغبار العالق في المنتصف و ظلت ترقص طوال الليل . تؤجل الحديث , لا تريد أن تتعاطى الحديث كثيرًا كانت تريد أن تحرك أرجلها أكثر ,كي تكتمل الصورة في الداخل . و كلما تحركت و قفزت كانت الحرب تقترب من النهاية المكللة بالنصر .
مكبرات الصوت الضخمة في كل رأس و بعض القلوب تنبض بقوة كما لو كانت المكبرات في داخلها كأن القلب يغني يصرخ , و تأخذه النشوة بعيدًا . السماء ظلت تمطر و ظللن النساء يتجاذبن الحديث يضحكن بصوت عالي ثم يتذكرن المطر و الله و الأموات وكل القصص الحزينة . نحن نحب الأغاني التافهة و الهابطة حينما نكون مع الجماعة .